من أكثر من يهمك أمره
*******
خلقنا الله سبحانه و تعالى في أحسن صورة و أعدلها ، و من أحسن من الله صنعة ؟! ، قال تعالى ( يا أيها الإنسان ماغرّك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أيّ صورة ما شاء ركّبك )
ثم أوجد فينا غرائز و دوافع متعددة ، ينتج عنها سلوكيات مختلفة ،، و لم يتركنا نتخبط في ضبط و موازنة كل ما نشعر به ، و ما ينتج عنه .. بل الباري سبحانه الرحيم بعباده ، وضع لنا دستورا عظيما و قواعد متينة ، و أنظمة لا تقدم و لا تندرس ، صالحة للبشرية في كل زمان و مكان ، ما بقيت روح تنفس في هذا الوجود ، فإذا مررت بالعارض ، رأيت سبلا في حله ، وهنا موطن الاختبار و التمحيص ليميّز الطيب من الخبيث ، و الله طيب لايحب إلا طيبا .
فكان من طبيعة هذا التكوين البشري العجيب الناطق بعظمة قدرة المولى سبحانه و تعالى : المحبة .
و كان السلوك الناتج عن هذا الدافع : الاهتمام و الاجتهاد في مصالح المحبوب لنيل رضاه ..
باب كبير ألّف فيه الأقدمون و المحدثون .. فكتبوا في الألفة و الألاف .. شروطها ، حقوقها ، واجباتها ، حلالها و حرامها .. و ليس هذا مجاله ،، لأني ما أردت هذا الجانب ..
ولكني أردت جانب حب العطاء و الاهتمام بالمحبوب ..
فمن الذي يستولي على اهتمامك ؟
لأنه يصيطر على جانب كبير من تفكيرك ؟
و من الذي تسعى جاهدا لتأدية مصالحه ، و تقديم رضاه على رضاك ، و حاجته على حاجتك ، و مطالبه على مطالبك ، فيعز لتذل ، و يعلو لتدنو ، وتنحني بجسدك لترفع له البناء ... ؟؟
و من الذي يستحق ؟ لتكون له بحرا من العطاء ..
أهي النفس .. أمانة الله نزكّيها ؟
أهي شريكة العمر .. و السكن و موئل للمودة و الرحمة ؟؟
أم هم الأولاد .. هدايا الله ، وذخره لنا .. وعمر قد لا نعيشه ؟
أهما الأبوان .. باب من أبواب الجنة ؟؟
أهم الأخوان .. صحبة الزمان ، و سبيل منابر النور ؟
أم هو الإسلام و أمة الإسلام ؟
هل للإسلام منك نصيب ؟
قال تعالى ( و من أحسن قولا ممن دعا إلى الله و عمل صالحا و قال إنني من المسلمين ) .
بأبي أنت و أمي يا رسول الله _ عليك أفضل الصلاة و أتم التسليم _ ضربت أروع الأمثال في شدة الاهتمام بأمتك ، فأنّى لقلوبنا لاتتشوق لصحبتك في جنات النعيم !؟
عن عبد الله بن عمرو بن ا لعاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا قول الله - عز وجل - في إبراهيم {رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني} الآية. وقال عيسى - عليه السلام -: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله - عز وجل -: يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك، فأتاه جبريل - عليه الصلاة والسلام - فسأله فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قال، وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك. [رواه مسلم]
عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} فلما أصبح قلت: يا رسول الله مازلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها؟ قال: "إني سألت ربي - عز وجل - الشفاعة لأمتي فأعطانيها وهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئاً" رواه أحمد .
و ما أعظم أن نكون همم لا نرضى بغير القمم .. فمرامنا الأعلى .. رضى الله و التمتع برؤيته سبحانه و تعالى في جنة سقفها عرش الرحمن ، و رسالتنا .. كيف أخدم الإسلام و المسلمين ؟ ، و وسيلتنا ( قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لاشريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين ) .
اللهم لاتجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا ، و لا إلى النار مصيرنا ..
اللهم لا تشغلنا في غير طاعتك و عبادتك ..
اللهم استعملنا و لا تستبدلنا ، و اجعلنا جندا من جنودك ننصر دينك و كتابك و سنة نبيك ، و نعلي راية الإسلام فوق كل راية ..
هذا و الحمد لله ، و سلام على المرسلين ، و صلى الله على سيدنا و حبيبنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .